بغداد
الأديب الشاعر المشهور أبو الحسن علي بن زُرَيْق البغدادي
المتوفى سنة 420هـ رحمه الله كان يخرج من بلده بغداد لطلب الرزق والمعيشة لزوجته وأولاده
وهجم عليه الموت وهو في دار غربة فخرج من الدنيا من دون شيء!
إلا هذه القصيدة الرنانة التي وجدت بعد وفاته مخبئة في وسادته
وهذه القصيدة من أروع ماقيل في الفراققالها في زوجته وهى موسّمة بــ قمر بغداد بغداد يقول فيها

لا تعذليهِ فإن العذلَ يولعهُ
قد قلتِ حقاً ولكنْ ليسِ يسمعهُ
جاوزتِ في لومه حداً أضرّ به
من حيثُ قدّرتِ أن النصحَ ينفعهُ
فاستعملي الرفقَ في تأنيبه بدلاً
من عذله فهو مضنى القلب موجعه
يكفيه من لوعة التفريق أن له
من النَّوى كل يوم مايُروعه
ما آب من سفر إلا وأزعجه
رأي إلى سفر بالرَّغم يجمعه
كأنما هو في حل ومرتحل
مُوكلٌ بفضاء الأرض يذرعه
أستودع الله
في بغداد لي قمراً
بالكرخ من فلكِ الأزرارِ مطلعهُ
ودعته وبودّي لو يودْعني
صفوُ الحياةِ وأني لا أودّعهُ
وكم تشفع لي أن لا أفارقه
وللضرورات حالٌ لاتُشّفعه
وكم تشبثَ بِيْ يومِ الرحيل ضحى
وأدمعي مستهلاتٌ وأدمعهُ
لا اكذبُ الله ثوبُ الصبرِ منخرقُ
مني بفرقته لكن ارقعُهُ
إني أوسعُ عُذرِي في جنايته
بالبينِ عنه وجرمي لا يوسعهُ
لا يطمئن لجنبي مضجعُ وكذا
لا يطمئن له مُذْ بِنْتُ مضجعهُ
ما كنت أحسب ان الدهرَ يفجُعني
به ولا ان بي الأيام تفجعه
حتى جرى الدهر فيما بيننا بيد
عسراءَ تمنعني حظي وتمنعه
وكنت من ريب دهري جازعاً فَرقاً
فلم اوق الذي قد كُنْتُ اجزعهُ
يامن اقطع أيامي وأنفذها
حزناً عليه وليلي لستُ أهجعهُ
علّ الليالي التي اضنتْ برفقتنا
جسمين تجمعني يوماً وتجمعهُ
وإن يدم أبداً هذا الفراق لنا
فما الذي بقضاء الله نصنعه
************